وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3)
فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَة 7
إذاً لو نظرنا إلى الآيات من الآية الأولى إلى الآية السابعة نجد هذه المفردات اللتي قد تحتاج إلى تفسير
1 نازعات
2 ناشطات
3 الرادفة
أما الغرق والسباحه والسبق والرجف فالمعنى واضح وهي كلمات تستخدم يومياً في اللهجات العربية العامّة
أمّا النزع والنازعات فهي كلمة مستعملة في اللهجة العراقية العامّة وتستخدم بمعنى خلع الملابس أي ن
- " نَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ " في سورة الأعراف اية 108
يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا
- " نَزَّاعَةً لِلشَّوَى "في سورة المعارج اية 16
أما الاية الأولى فهي تخبرنا عن موسى في الوادي حين كلمه الله تعالى. فأمره الله أن يدخل يده في جيبه ثم يخرجها لتصبح بيضاء. و معنى النزع هنا هو الخلع أيضاً , لكن بدلاً من خلع الثوب من اليد خلعت اليد من الثوب. أو بدلاً من نزع الثوب عن اليد نزعت اليد من الثوب أو الجيب.و ذلك يأتي بمعنى خلع اليد من مكانها في الجيب. أما المعنى الثاني في المثال الثاني فهو كمعنى النزع العراقية العامّة وهو مختص باللباس. بينما المعنى الثالث فهو نزع النار للجلد دون العظام. هذا المعنى وارد في التفاسير القديمة للقران كتفسير إبن كثير وغيرها.
أما المفردة الثانية النشط, فمعناها في العامة الشىء الكثير الحركة أو المداومة كقولنا إنه طالب نشيط. ففي معنى كثرة المداومة و عدم التكاسل. أما المعاني الأُخرى لنشط فنجدها كلاتي
نَشَطَ - [ن ش ط]. (ف: ثلا. لازم، م. بحرف). نَشَطْتُ، أَنْشِطُ، اِنْشِطْ، مص. نَشْطٌ. 1."نَشَطَ مِنْ قَرْيَتِهِ" : خَرَجَ مِنْهَا، غَادَرَهَا. 2."يَنْشِطُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ" : يَتَحَوَّلُ، يَنْتَقِلُ. 3."نَشَطَتْ بِهِ الْهُمُومُ" : أَزْعَجَتْهُ، أَرْهَقَتْهُ. 4."نَشَطَ الْمَسِيلُ" : خَرَجَ عَنِ الْجَادَّةِ وَتَفَرَّقَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً
وأخيراً قبل أن أبدأ بشرح الايات لنذكر كلمة الرادفة ففي المعاجم
رَدَفَ - [ر د ف]. (ف: ثلا. متعد). رَدَفْتُ، أَرْدُفُ، اُرْدُفْ، مص. رَدْفٌ. 1."رَدَفَ خُطُوَاتِهِ" : تَبِعَهُ. 2."رَدَفَ صَاحِبَهُ" : رَكِبَ خَلْفَهُ.
أي الشيء اللذي يتبع.
إذاً لنبدأ بشرح الايات:
النازعات غرقا هي الموج المسمى بالتسونامي Tsunami فهذا الموج المائي ينزع ويخلع ويقلع كل ما على اليابسة من مكانه, فكيف يتم الخلع؟ يتم الخلع بالغرق وجعل الأشياء تحت الماء. و ما يثبت لنا هذا المعنى هي الايات الثانية والثالثة. فالاية الثانية تقول أن هذه النازعات ناشطة تخرج من مصدرها فتتحول و تتنقل من موضعها في البحار والمحيطات حتى تصطدم باليابسة. ففي العام 2004 خرجت الموجة من مصدرها قرب إندونيسيا حتى وصلت ساحل جنوب أفريقا. و هذا هو النشط الخروج من المصدر والتفرق في كل الإتجاهات حتى تصطدم باليابسة.أما كيفية التنقل فهو سبحاً بالماء كما تخبرنا الاية الثالثة.
في مقالاتٍ سبقت كََتبت عن التسونامي و تعريفه بعلم الأرض أو الجيولوجيا. إن شاء القارئ قرأ تلك المقالات أو بحث عن التعريف ومواصفات التسونامي بنفسه. في الصور والوصلة Link التالية يجد القارئ تدوين موجة المحيط الهندي المدمرة في عام2004 قبل و بعد الموجة.
وفي هذه الصورة نجد مدى تلك الموجة. و في الأسفل صورتان تصوران أثر النزع.
أمّا الاية الرابعة فتتكلم عن السابقات. والسابقات هي ليست وصف للنازعات. فحرف الفاء فيه تعقيب زمني. هنا أظن السابقات تعني مسبب التسونامي. فالتسونامي ممكن أن تنتج من الزلازل أو البراكين أو خسف في القشرة الأرضية. إذاً السابقات هي كل ما يسبق النازعات ويسببها كلمة سبق تثبت هذا المعنى. أما المدبرات أمراً فلست أعلم معناها لأن الله هو مدبّر الأُمور فأي شرح مني لهذه الاية هو تخمين. و أخيراً الايات السادسة والسابعة فهي تقع موقع الخبر فتخبرنا عن زمن وقووع النزع. ألا وهو يوم ترجف الراجفة , والراجفة هي الأرض يوم ترجف و تهتز كقوله تعالى "إذا زلزلت الأرض زلزالها" فبعد الرجف يأتي الردف أو الرادفة وهي تشير إلى النازعات هنا والله أعلم.
فيقول القرطبي عن الاية السادسة
وقيل : الجواب " يوم ترجف الراجفة " على تقدير ليوم ترجف , فحذف اللام . وقيل : فيه تقديم وتأخير , وتقديره يوم ترجف الراجفة وتتبعها الرادفة والنازعات غرقا .
إذاً بعد شرح الايات السابقة على حده نحاول تركيبها لنعلم معنى النازعات. تبدأ السورة بالنازعات و هي كلمة لم تستخدم من قبل كإسم لأي شيء في السابق حسب ما وصل إلينا من كتب. لذا فنجد المفسرون يخمنون انها الملائكة مستعنين بالأحاديث. لكن تلك الأحاديث أيضاً فيها إختلاف على معنى النازعات. فمنهم من يقول أنها النجوم, و منهم من يقول هي الموت, ومنهم من يقول هي الملائكة. كذلك نجد أن المفسرون يفسرون كل تلك الكلمات الغير وارده في المعاجم بالملائكة كالمرسلات والصافات ... الخ
إذاً لما لا نبحث عن معناها بالقرآن نفسه فنجد ذلك في تتمة الآيات. فهي تنزع بالغرق و هي ناشطه وهي سابحه فتسبقها سابقات ومدبرات تحدث هذه المدبرات يوم ترجف الأرض{تزلزل} فيتبع الرجف الرادفه {النازعات}. والنشط هو كثرة الحركة والطاقة والإنتشار في كل إتجاه والسفر من مكان إلى مكان وهي سابحة والسباحة تتم بالماء.
و الله أعلم ، فإن كان لدى القرّاء تعليق أرجو منهم التفضل بذلك والسلام.